الكتابة عن النتاجات الفنية ذات البعد الاسلامي، تتطلب كثيرا من الحيادية والشفافية، وامام الاحترافية العالية التي سخرت لتجربة عودة الركب اذهب للكتابة مثلما تلك اللغة السينمائية العالية المستوى، التي لم تذهب الى حادثة الطف أو كربلاء واستشهاد الحسين بن علي عليهما السلام وأهله واصحابه الكرام في حادثة كربلاء يوم عاشوراء، بل استدعت الحادثة بمضامين وطروحات فكرية عالية الجودة، ورؤية بصرية تقترن بالتفرد والاشتغال الحقيقي على مفردات الحرفيات السينمائية.
يعتمد النص اصلا على قصيدة كتبها الاعلامي والكاتب السابق فيصل الدويسان، وصاغها ايضا لنا عبر حلول موسيقية شديدة الحساسية والعمق، وكان ايضا وراء انتاج هذا العمل الضخم.
وحينما يأتي المخرج عباس اليوسفي، فهو لا يأتي مجرد قارئ لنص، ومنفذ لمفردات، بل يتجاوز كل ذلك، عبر رؤية بصرية ذكية وعميقة، حينما يأخذنا الى حكاية ذلك الباحث الاثري، الذي يجد حجرا أصما، فاذا بذلك الحجر، يأخذه الى لحظات مجلجلة في التاريخ، تعود الى ما بعد حادثة كربلاء، حينا قام كما تقول بعض المصادر احد الرهبان بغسل رأس الحسين عليه السلام.
اشتغال على العلاقة بين الاديان واشتغال على المزج بين الازمان، بين المعاصرة والامس، حيث يعود ذلك الباحث الى تلك الايام الحبلى بالالم والوجع والشهادة.؛
ينتقل من كربلاء ثم الى والي دمشق وغيرها من المحطات .. سفر عبر الزمان والمكان بلا بكائية، وبلا تقليدية بل عبر استدعاء القيم الكبرى لذلك الحدث الجلل.
كل المشاهد رسمت وصيغت ونفذت بعناية واحترافية فنية، تستحضر رسم المشهد وكتابة الاضاءة وتصميم المشهد البصري وايقاعه وصوته، وحواراته التي تضيف بعدا اضافيا للنص الشعري الجميل والذي يقول مطلعه:
حينما عاد الركب لا يكفي انين
بعد كرب وبلاء
ارسلوا الناعي إلى أهل المدينة
بين عينيه شقاء
واجماً يحمل أخبارا حزينة
عن ضرار الأنبياء
صرح الناعي ومن فوق الضغينة
استعدوا للعزاء
قتل السبط بأحقاد دفينة
وثوى في كربلاء
من خلال تلك المفردات يبتكر اليوسفي رؤيته البصرية، بكثير من الاشتغال على المضمون وعمقه، متجاوزا ما هو تقليدي ودارج ومستعاد ومتكرر.. الى ما هو اثرى وأبعد.
الصورة في عودة الركب لا تفسر بل تضيف وتحلل.
والصورة في عودة الركب لا تنقل بل تذهب الى مضامين سينمائية قدمت بلغة انتاجية وبصرية سخية وعالية.
وتمضي لغة العمل، التي ترتكز على نص عامر بالمفردات والمقولات الموضوعية والمضامين التي تتجاوز السائد، وما بصمتها تلك الحلول البصرية الذكية، بالذات، في استحضار الشاهد والعلاقة بين الازمنة والاديان والصياغة العميقة للمشهد ببصرية أخاذة.
عودة الركب هو استحضار فني لحادثة كربلاء والطف بلغة فنية سينمائية بعيدة المنال، لم نشاهدها، الا في القلة من أعمالنا ونتاجاتنا السينمائية الاسلامية، ونخص هنا افلاما مثل الرسالة على وجه الخصوص للراحل مصطفى العقاد.
في عودة الركب ترسيخ لقامة اعلامية ترسيخه شاعرا وملحنا ومحبا لآل البيت، ونعني فيصل الدوييان، الذي كان وراء تلك التجربة منذ لحظة ميلادها كفكرة ونص وانجاز.
وفي عودة الركب مبدع يشتغل على نار هادئة يمتلك حلوله البصرية وقراءته الاضافية والمتجددة للنصوص، هكذا هو المخرج عباس اليوسفي، الذي كان وراء العافور ومؤخرا بعد النهاية.
عودة الركب انتاج فني يسخر كافة الجهود لحادثة استشهاد الامام الحسين عليه السلام يوم كربلاء عبر قراءة فنية هي حصاد حتمي لفريق رائع من المبدعين في جملة التخصصات الفنية.
فريق العمل – شعر وألحان وإنتاج: فيصل الدويسان
– رؤية إخراجية: عباس اليوسفي
http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=765572&date=24092017
when released of this movie?